أنوار بنتهامي// باحث في التنمية المحلية
مع اقتراب موعد كأس العالم 2030، تسعى جماعة طنجة إلى تقديم نفسها كمدينة عالمية قادرة على استضافة أحد أكبر التظاهرات الكروية في العالم، إلى جانب كل من إسبانيا والبرتغال. مشاريع كبرى أُعلن عنها: ملعب بمواصفات الفيفا، إنارة LED، وواجهات سياحية جديدة. لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل الاستعدادات على الأرض توازي هذا الطموح المعلن؟
في الواقع، ما نراه على الأرض لا يبعث كثيرًا على الاطمئنان. رغم تخصيص الحكومة أكثر من 11 مليارات درهم للنقل الحضري للفترة 2025 – 2029، بحسب تقارير وزارة الداخلية، فإن المدينة تُسجّل أكثر من 150 ألف تنقل يومي عبر وسائل نقل غير منظمة، وسط اختناق مروري حاد ونقص مزمن في الحافلات وسيارات الأجرة.
ويثير هذا الواقع تساؤلات قانونية أيضًا، خاصة في ظل القانون التنظيمي للجماعات (القانون رقم 113.14) الذي ينص في المادة 83 على أن الجماعات مسؤولة عن “توفير المرافق الأساسية كالنقل والصحة والتعليم”، بالتشاور مع السكان والمجتمع المدني. غير أن مخرجات المشاريع الكبرى تُتخذ حاليًا في غياب المقاربة التشاركية التي يفرضها أيضًا دستور 2011، والذي يؤكد في فصله 139 على إشراك المواطنات والمواطنين في إعداد وتتبع السياسات العمومية المحلية.
ثم إن اختلال ترتيب الأولويات يطرح تساؤلات حول العدالة المجالية والاجتماعية. ففي حين يُضخ المال في مشاريع موجهة لتحسين الصورة الخارجية، تُسجّل مؤشرات مقلقة داخل المدينة، مثل تراجع جودة الخدمات الصحية بـ22% حسب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي لسنة 2023، وارتفاع معدلات البطالة في أوساط الشباب إلى أكثر من 18%.
لا أحد ينكر أن احتضان كأس العالم فرصة مهمة يمكن أن تجلب استثمارات ضخمة وتُعزّز صورة طنجة عالميًا. لكن هذه الفرصة لن تكون ذات معنى إن لم تُستثمر لبناء تنمية حقيقية، تعزز البنيات التحتية وتُراعي حاجات السكان، وتُؤسّس لمدينة عادلة، متوازنة، ومتجددة من الداخل لا من الواجهة فقط.
في النهاية، لا نريد مدينة تُجَمَّل من الخارج بينما يظل الداخل يئن تحت وطأة التهميش. إن كان مونديال 2030 فرصة تاريخية، فيجب ألا تضيع في الزينة السطحية، بل أن تكون انطلاقة نحو إصلاح بنيوي حقيقي، تُحترم فيه القوانين، ويُستمع فيه لصوت المواطن قبل الكاميرات.

